في الظلام نور

إلهي العفوَ قد كثُرت ذُنوبـــي......................... وأنَّ القلـــبُ إذ بانت عيـــوبي

وهاجت في ظلامِ الإثمِ نفسي.......................... فما سكنت ولا رشُدت دروبي

وخضتُ بحــارَ آثامِ الهـــوى ......................... كأنَّ الــنفسَ آمـــــنةُ الخُطوب

أرى سـُــبُلَ الهدايــــةِ نورَها......................... فأُعرضُ رغــم أنـّاتِ الكروب

وإني للـهوى مستشرفٌ دوماً......................... أعالجُ ما أصيبُ مـن الرسوب

وقلبي عاجـزٌ عن ردِّ أهــواءٍ ......................... أصابَ ظلامُها فكري ومطلوبي

وجئتكَ تائباً مما جنت نفســي ......................... وأنت الربُ غـــــفّارُ الذنــــوب

تسامحُ كـــلَ أوابٍ وتـــعفـــو ......................... وتـسترُ ما أصبــنا فــي النكوب

ومن حولي أناسٌ كالقَطا سربٌ ......................... إذا جـــاريتُهـم شــتّت قطوبــي

وإن كنتُ الذي يَخشى مكَائِدَهم ......................... كما يُخشى من الأَسَدِ الضروب

وكيف أعيشُ في دارٍ مـــعافى ......................... وقد عايشتُ موتــــــــانَ القلوب

أراهم في ظلامِ الفسقِ فرساناً ......................... وإن صالوا فأمـــجادُ الكــــذوب

يمارون الورى أهدافُهم شتى ......................... وما في النفسِ من علمِ الغــيوب

ولست أغارُ من أبطالِ أوهامٍ ......................... أقاموا في الورى ثوبَ السّروب

إذا دارت بهم نكباتُ دهـــــرٍ......................... أصيب كبارُهم بالذلِ والحــــوب

ولست أعيبُ إخواناً لعــجــزٍ ......................... ولا ذمي لهم حتـــمــاً ركــوبــي

أواسي النفسَ كلَ طلوعِ فجرٍ ......................... وأبكي كلَ شمسٍ أو غــــــروب

ومنهم كالجيادِ بخيرِ أحوالٍ ......................... تراهم قد تصافَوا من لُــــــــغوب

فهم يتسابقون إلى الــــعلا ......................... ومن أعمالهم إنقــــــاذُ مكروب

فلا يتكادرون ولم يُعـــابوا ......................... وعانِوا مــن ظلامٍ أو عـــكـــوب

وقد عابوا الفسادَ ولم يحابوا ......................... وكان لهم أطايبُ كلِ مرغـــــوب

أولئك أهـــلُ قرآنٍ وعـــدلٍ ......................... فلولاهم لما لاقيــــــتُ محبوبـــي

أرى فيهم ملامحَ بِشرِ نصرٍ......................... وفي أمثالهم عـــــــــزُ الشـــعوب

وإن كانوا قليلاً في نظائِرِهم ......................... فكم لقلـــيلِ جــــندٍ ردُ مـــــرهوب

ولولاهم لما أحببتُ عـــيشاً ......................... ولا شيئاً ولا طابت شـــــروبــــي

فأنتم أهــــلُ إيمانٍ وخــــيرٍ ......................... وأنتم خــــــيرُ فرســــانِ الحروب

وليس لـــكم نظائرُ أو قريبٌ ......................... عدولٌ في شمــــــالٍ أو جنـــــوب

فلا تهنوا وأنتم من يبــــاهي ......................... بكم ربــــي ملائكةً ذوي حُـــــجُبِ