لما استقامت السيدة نفيسة رضي الله عنها بطاعة الله، أكرمها بكرامات كثيرة نذكر بعضًا منها،
سلة الطعام
قال القناعي رحمه الله قلت لزينب بنت يحيى أخي السيدة نفيسة: ما كان قوت عمتك؟ قالت "كانت تأكل في كل ثلاثة أيام أكلة، وكانت لها سلة معلقة أمام مصلاها، وكانت كلما طلبت شيئًا للأكل وجدته في تلك السلة، وكانت لا تأخذ شيئًا من غير زوجها أو ما يحبوها به ربها، فالحمد لله الذي جعل لنا نصيبًا مما جعل للسيدة مريم بنت عمران عليه السلام"
جريان ماء النيل
قال سعيد بن الحسن "توقف النيل بمصر في زمن السيدة نفيسة فجاء الناس إليها وسألوها الدعاء، فأعطتهم قناعها، فجاءوا بها إلى النهر وطرحوه فيه، فما رجعوا حتى فاض النيل بمائه وزاد زيادة عظيمة".
مع الثعبان
روى عبد الرحمن الأوزاعي رضي الله عنه إمام الشام وفقيهها وعالمها المتوفى سنة 158 هـ فقال قلت لجوهرة (إحدى إماء الحسين) هل رأيت من سيدتك الصغيرة نفيسة كرامة؟ قالت "نعم. كنت في يوم شديد القيظ، وإذا بتنين – ثعبان كبير- قد جاءني وكان معي ماء لسيدتي نفيسة، فصار ذلك التنين يمرّغ خدّه على الإبريق كأنه يتمسح به، متبركًا بمائها، ثم ذهب من حيث أتى".
الغزل والأيتام
و حكى الأزهري في كتاب الكواكب السيارة من غريب مناقب السيدة نفيسة بنت الحسن، أن امرأة عجوز لها أربعة أولاد بنات كن يتقوّتن من غزلهن من الجمعة إلى الجمعة. فأخذت أمهن الغزل لتبيعه وتشتري بنصفه كتاناً ونصفه الآخر ما يتقوّتن به على جري العادة، ولفت الغزل في قطعة حمراء ومضت إلى نحو السوق، فلما كانت في بعض الطريق إذا بطائر انقض عليها وخطف منها الرزمة، الغزل ثم ارتفع في الهواء .فلما رأت العجوز ذلك وقعت مغشياً عليها، فلما أفاقت من غشيتها هذه قالت : كيف أصنع بأيتامي قد أهلكهم الفقر والجوع فبكت فاجتمع الناس عليها وسألوها عن شأنها فأخبرتهم بالقصة فدلوها على السيدة نفيسة وقالوا لها اسأليها الدعاء فإن الله سبحانه وتعالى يزيل ما بك، فلما جاءت إلى باب السيدة نفيسة أخبرتها بما جرى لها مع الطائر وسألتها الدعاء فرحمتها السيدة نفيسة، دعت لها دعاءً أن ييسر لها أمرها فقعدت المرأة تنتظر الفرج وفي قلبها من جوع أولادها حرج فلما كان بعد ساعة يسيرة إذا بجماعة قد أقبلوا وسألوا عن السيدة نفيسة وقالوا إن لنا أمراً عجيباً، نحن قوم مسافرون لنا مدة في البحر ونحن بحمد الله سالمون فلما وصلنا إلى قرب بلادكم انفتحت المركب التي نحن فيها ودخل فيها الماء وأشرفنا على الغرق وجعلنا نسد الخرق الذي انفتح فلم نقدر على سده، وإذا بطائر ألقى علينا سرة حمراء فيها غزل فسدت الفتحة بإذن الله، وقد جئنا بخمسمائة دينار شكراً على السلامة . فعد ذلك بكت السيدة نفيسة وقالت "إلهي وسيدي ومولاي ما أرحمك وألطفك بعبادك"، ثم طلبت العجوز صاحبة الغزل وقالت لها بكم تبيعين غزلك فقالت بعشرين درهماً فناولتها الخمسمائة دينار فأخذتها وجاءت إلى بناتها فأخبرتهن بما جرى فتركن الغزل وجئن إلى بيت السيدة نفيسة وقبلن يدها وتبركن بها.
دعاؤها للشافعي
كان الإمام الشافعي رضي الله عنه إذا مرض يرسل لها رسولا من عنده، كالربيع الجيزي أو الربيع المرادي، فيقرئها سلامه ويقول لها : إن ابن عمك الشافعي مريض، ويسألك الدعاء فتدعو له، فلا يرجع إليه رسوله إلا وقد عوفي من رمضه. فلمّا مرض الشافعي مرضه الأخير، أرسل لها على عادته رسوله يسألها الدعاء له، فقالت لرسوله "متّعه الله بالنظر إلى وجهه الكريم" (أي ذاته الكريم في الآخرة).
رؤياها لجدها صلى الله عليه وسلم
قال زوجها إسحق المؤتمن يومًا لها "ارحلي بنا إلى الحجاز"، فقالت "لا أفعل ذلك إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقال لي : لا ترحلي من مصر فإن الله تبارك وتعالى متوفيك فيها".
[size=21]
وفاتها
أصاب السيدة نفيسة المرض في شهر رجب سنة مائتين وثمان للهجرة وظل المرض يشتدّ ويقوى حتى رمضان، فبلغ المرض أقصاه، وأقعدها عن الحركة، فأحضروا لها الطبيب فأمرها بالفطر، فقالت "واعجباه! إن لي ثلاثين سنة وأنا أسأل الله أن يتوفاني وأنا صائمة ... أفأفطر؟" وكان وراء ستار لها قبر محفور، فأشارت إليه وقالت "هذا قبري، وها هنا أُدفن إن شاء الله، فإذا متُّ فأدخلوني فيها". فلمّا فاضت روحها الطاهرة الشريفة دفنت في قبرها الذي حفرته بيدها، وذلك بعد موت الشافعي بأربعين سنة ...